صعدة برس - كشف مركز الدراسات السياسية والتنموية في تقدير موقف جديد أصدره اليوم الأربعاء، عن تصاعد العزلة الدبلوماسية للكيان الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على غزة.
وقال المركز في ورقته البحثية بعنوان "العزلة الدبلوماسية للاحتلال: تداعيات سحب السفراء وقطع العلاقات خلال الحرب على غزة"، إن الكيان الإسرائيلي قبل الحرب كان يتمتع بشبكة علاقات دولية واسعة وتحالفات استراتيجية مع الولايات المتحدة وأوروبا، إضافة إلى مسار تطبيع متدرج مع بعض الدول العربية، إلا أن الحرب فجرت موجة غضب عالمي كشفت هشاشة مكانتها الدولية وعرّت مزاعمها الأخلاقية أمام الرأي العام العالمي.
وأكد أن ردود الفعل الدولية لم تقتصر على البيانات الرسمية، بل اتخذت شكل إجراءات عملية متنوعة، منها سحب سفراء وقطع علاقات، وحملات مقاطعة اقتصادية وقانونية، وضغوط شعبية هائلة أمام البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية.
ووثّق المركز سلسلة من القرارات الدبلوماسية غير المسبوقة، شملت بوليفيا وكولومبيا وبليز التي أعلنت قطع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي، بينما استدعت دول أخرى سفراءها للتشاور، مثل تشيلي والأردن وتركيا. وأكد التقرير أن الاعتراف بدولة فلسطين من قبل إسبانيا والنرويج وأيرلندا وسلوفينيا في 2024 شكّل نقلة نوعية داخل الفضاء الأوروبي، ورسّخ مسارًا سياسياً يربط إنهاء الحرب بإنهاء الانتهاكات الإسرائيلية.
وسلطت الورقة الضوء على محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، حيث أصدرت الأولى أوامر بتدابير مؤقتة للضغط على الكيان الإسرائيلي فيما يتعلق بتوفير المساعدات ومنع الانتهاكات، فيما أعلن الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية سعيه لاستصدار مذكرات توقيف بحق قيادات إسرائيلية على خلفية الجرائم المرتكبة ضد المواطنين الفلسطينيين.
كما أوضح التقرير أن كندا وهولندا وإسبانيا وبلجيكا اتخذت خطوات لتعليق أو مراجعة صادرات الأسلحة إلى الكيان الإسرائيلي، بينما سجلت وكالات التصنيف الائتماني موديز وستاندرد آند بورز انخفاضاً في التصنيف السيادي الإسرائيلي، مشيرة إلى ارتفاع كلفة الحرب وتأثيرها على الاستثمارات الأجنبية، مع تراجع ملحوظ في قطاع السياحة والخدمات المرتبطة بها.
وأشار المركز إلى أن الضغوط الشعبية أمام السفارات الإسرائيلية كانت متواصلة، وشملت مسيرات حاشدة في لندن وواشنطن، فضلاً عن احتجاجات رمزية وعملية، مثل الحرق الذاتي أمام سفارة الكيان الإسرائيلي بالعاصمة الأمريكية في فبراير 2024. وأكد التقرير أن هذه التحركات الشعبية ساهمت في رفع كلفة القرار السياسي للإجراءات الإسرائيلية في عدد من الدول الديمقراطية، ودعمت المسارات القانونية والتجارية المقيدة للتعاون مع الكيان الإسرائيلي.
ولفت التقرير إلى أن الكيان الإسرائيلي حاول احتواء الضغوط عبر تفعيل الدبلوماسية المضادة، وإبراز البعد الأمني في خطابه، مع الاعتماد على حلفائه التقليديين لتخفيف تأثير سحب السفراء والحملات الشعبية.
وأكد المركز أن الأثر الدبلوماسي للضغوط كان مرتفعًا إقليمياً ومتوسطًا عالميًا، وأن الأثر الاقتصادي والمالي ملموس مع إمكانية الانعكاس الجزئي إذا هدأت الأعمال العسكرية، بينما الأثر القانوني يتصاعد مع استمرار قضايا محكمتي العدل والجنائية الدوليتين، وأشار التقرير إلى ثلاثة سيناريوهات محتملة للأشهر المقبلة:
1. تصاعد العزلة الدولية والضغط المتزايد، مع استمرار سحب السفراء والمقاطعات القانونية والشعبية.
2. احتواء العزلة عبر تحالفات محدودة ودبلوماسية مضادة، مع بعض التنازلات الرمزية.
3. تصعيد قانوني واقتصادي عالمي، من خلال تحريك قضايا جديدة وفرض قيود على التجارة والاستثمار.
ودعا إلى تعزيز التنسيق الدولي لدعم الموقف الفلسطيني، من خلال: دعم الجهود القانونية الدولية ضد الكيان الإسرائيلي، وتوثيق الانتهاكات، وتكثيف حملات المقاطعة الشعبية والموجهة للشركات الداعمة للاحتلال، وتوحيد المواقف الدبلوماسية مع الدول العربية وأصدقاء فلسطين في أوروبا وأمريكا اللاتينية، وتعزيز التغطية الإعلامية والتحليلية لأثر الحرب على المواطنين الفلسطينيين والاقتصاد الإسرائيلي، وتحصين الداخل الفلسطيني وتعزيز التضامن لتجنب استغلال الانقسامات.
وأكد أن هذه الإجراءات تمثل أدوات فعالة للضغط على الكيان الإسرائيلي لإعادة النظر في سياساته العدوانية، وأن استمرار التحرك الدولي الشعبي والقانوني سيضاعف التحديات أمام العدو الإسرائيلي على المستويات الداخلية والخارجية.
|